»أول من سكن الأرض

وردت
روايات عديدة في كتب التاريخ والتفسير حول أول من سكن الأرض ، وتعددت
أقوال العلماء في ذلك ، وفيما يأتي ذكر لهذه الروايات ، وقول العلماء فيها
وتعليقهم علي صحتها . 

»الرواية الأولي : 

الْحِنُّ وَالْبِنُّ أول من سكن الأرض

نقل
إبن كثير في كتابه البداية والنهاية ، عدد من المفسرين يقولون بأن أول من
سكن الأرض قوم يدعون “الحن والبن” وأنهم أفسدوا في الأرض فأرسل الله سبحانه
وتعالي الجنّ إلي الأرض فقتلوهم وأبادوهم من الأرض ، وإستعمر الجن الأرض
مكانهم وإستوطنوا فيها وكان الجن وقتها صالحين قائمين بأمر الله تعالي قبل
معصية إبليس لله تعالي . 

الحن والبن أول من سكن الأرض

»الرواية الثانية : الجن أول من سكن الأرض

ذكر إبن جرير الطبري في تفسيره لقوله تعالي : 


وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً
قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ
نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ
}[ البقرة:  ٣٠ ]  أن أول من سكن الأرض هم الجن ، فلما أفسدوا في الارض
وقتل بعضها بعضاً ، أرسل الله سبحانه وتعالي إليهم إبليس وكان حينها مؤمناً
طائعاً إلي الله تعالي ، فقتل الجن علي الأرض وذلك قبل خلق آدم عليه
السلام ونزوله إلي الأرض .  

»الرواية الثالثة 

آدم عليه السلام أول من سكن الأرض 

تشير
أرجح روايات المفسرين وأقوال العلماء إلي أن سيدنا آدم عليه السلام وزوجته
حواء ، هما أول من سكن الأرض ، وذلك بعد أن أنزلهما الله سبحانه وتعالي
إلي الأرض بعد أن أغواهما إبليس بالأكل من الشجرة التي حرّم الله تعالي
عليهما الأكل منها ، فقال الله تعالي بعد أن طلبا المغفرة منه :

  {  قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ } {  قالَ اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حينٍ }[ الأعراف:  ٢٤ ]  

ويبرر
الطاهر بن عاشور هذا القول ويرجحه بأن الله تعالي قال بأنه سيجعل في الأرض
خليفة ، والخليفة من البشر ، وأول البشر آدم ، ولو كان هناك أحد سكن الأرض
قبل آدم عليه السلام وحواء لما قال الله سبحانه وتعالي : { إِنّي جاعِلٌ
فِي الأَرضِ خَليفَةً } 

لأن
الخليفة هو الذي يخلف صاحب الشئ في التصرف فيه ، وآدم وبنوه هم خلفاء الله
تعالي في أرضه ، قال إبن عاشور : تعقيب ذكر خلق الأرض ثم السموات ، بذكر
إرادته تعالي جعل الخليفة دليل علي أن جعل الخليفة كان أول الأحوال علي
الأرض بعد خلقها ، فالخليفة هنا الذي يخلف صاحب الشئ في التصرف في مملوكاته
، ولا يلزم أن يكون المخلوف مستقراً في المكان من قبل ، فالخليفة آدم  ،
وخليفته قيامه بتنفيذ مراد الله تعالي من تعمير الأرض بالإلهام أو بالوحي ،
وتلقين ذريته مراد الله تعالي من هذا العالم الأرضي .  

https://m.janatna.com