من أشهر راقصة وزبائنها الملك والوزراء إلي هاربة .. انفصلت عن الريحاني بسبب النوم ..اكتشفت اسماعيل يس ونهايتها كانت بمحل ألبان .. قصة حياة بديعة مصابني

نبذة مختصرة عن الفنانة بديعة مصابني

بديعة
مصابني.. عميدة ورائدة الرقص الشرقي، التي لم تكن مجرد راقصة، بل مشروع
فني مكتمل الأركان، تخرج من تحت يديها أكبر نجوم الأستعراض في مصر و الوطن
العربي .

وعلى رأسهم تحية كاريوكا و سامية جمال و ببا عز الدين ،
فكانت تعلم أصول وتكنيك الرقص الشرقي، وجميع أنواع الرقص الأخرى منها
التركي والعجمي واللبناني والإفرنجي. 

وكذلك العديد من مطربي مصر و
فنانينها تخرجوا من فرقتها ، ومروا على “كازينو بديعة” الأشهر في مصر ،
ومنهم فريد الاطرش ، اسمهان ، محمد فوزي ، إبراهيم حمودة ، فضلا على إنها
اكتشفت الفنان الكوميدي اسماعيل يس . 

مولد ونشأة الفنانة بديعة مصابني

“بديعة مصابني” لبنانيه ولدت فى دمشق بسوريا لأب لبناني وام سورية في 25 فبراير عام 1892 ، 

اسمها الحقيقي «وديعة» فقد كانت وديعة من أسرة ميسورة الحال والدها كان يمتلك مصنعا للصابون في سوريا.

ومنذ
نعومة أظفارها تمتعت «وديعة» بجمال فاتن ووجه جميل لدرجة جعلت الجميع يطلق
عليها «بديعة» بدلا من وديعة، فهي خليط لبناني على سوري .

عاشت طفولة مأساوية 

عانت
بديعة مصابني حياة قاسية منذ الطفولة، فقد احترق مصنع والدها والذي كانوا
يعيشون على دخله، الأمر الذي تسبب في إصابة والدها بأزمة نفسية حادة، ومات
الأب كمدا وفي العزاء سرقت مجوهرات أمها لتعيش العائلة بدون سند مادي أو
معنوي . 

تعرضت للاغتصاب في الطفولة

في السابعة من عمرها تعرضت الفنانة بديعة مصابني لمأساة غيرت حياتها، حيث كانت ضحية جريمة اغتصاب ووقع ذلك بالتحديد عام 1815.

ووفقًا
لما ذكرته في حوار لها مع مجلة «الكواكب» كانت وقتها ذاهبة إلى الخمارة
التي اضطرت الظروف أخاها توفيق العمل بها وإذا بصاحب الخمارة يهجم عليها
بمجرد أن رآها ويغتصبها.

بعد واقعة الاغتصاب تحولت حياتها إلى جحيم
خاصة وأن والدتها أصرت على مقاضاته، فأصبحت فضيحتها بجلاجل في بلدها، ولم
ينصفها الحكم الذي حصلت عليه بسجن صاحب الخمارة سنة وتغريمه مائتي ليرة
ذهبية. 

الهجرة إلى أمريكا الجنوبية

عاشت بديعة مصابني مع والدتها وأختها التي تكبرها «نظلة» إلى أن قررت العائلة الهجرة إلى أمريكا الجنوبية للهروب من الناس وكلامهم.

اضطرت
الأم إلى رهن منزلهم للحصول على نفقات السفر وأجرة الباخرة وفي أمريكا
الجنوبية تزوجت شقيقتها «نظلة» من رجل يدعي ميخائيل جرجس يكبرها بـ 38
عاما.

فشلت الأم في التأقلم على الحياة في أمريكا الجنوبية، الأمر
الذي دعاها للسفر مع أسرتها إلى لبنان من جديد، حيث عائلتها أو بمن تبقى
منهم.

العودة إلي لبنان

بعد
استقرار أوضاعهم بشكل نسبي في لبنان، دخلت بديعة مصابني مدرسة داخلي تعلمت
فيها الإسبانية وأيضا التمثيل حيث اكتشفت الراهبات هناك موهبتها في الغناء
والتمثيل والرقص ولكن سرعان ما قررت والدتها إخراجها من المدرسة لتساعدها
في مهنة الخياطة التي كانت الأم تعمل بها والتي كانت تدر عليهم ربحا
ضعيفا. 

السفر الى القاهرة

فكرت
في التخلص من حياة الفقر بأي وسيلة، وقررت ترك لبنان والمجيء ووالدتها إلى
القاهرة عاصمة الفن والأدب وكان هذا بالتحديد عام 1910 أي وعمرها 18 عاما.

لقاء بديعة مصابني و جورج أبيض

وبمجرد
وصولها طافت شوارع القاهرة إلى أن وصلت إلى حديقة الأزبكية وجلست في
الحديقة تفكر ماذا تفعل، ولم تدم الحيرة طويلا لأنها علمت أن بلدياتها جورج
أبيض قد شغفه حب المسرح وكون فرقة مسرحية.

وبالفعل ذهبت إليه ،
وعلمها اللغة العربية حيث كانت لا تتقنها نظراً لوجودها فترة طويلة في
الخارج ، وبالفعل في أقل من ثلاثة أشهر اتقنت اللغة العربية واستطاعت أن
تجيدها وتتحدث بطلاقة  .

بديعة مصابني هربت من أمها 

كانت
والدتها ترفض التحاقها بمجال التمثيل فقررت العودة مع ابنتها إلي الشام ،
وفي محطة القطار هربت بديعة مصابني من أمها لتقرر المكوت في القاهرة لتحقق
حلمها في الفن والتمثيل

قدمت بديعة مصابني  مع جورج أبيض بعض الأدوار
ثم انضمت بعد ذلك إلى فرقة عزيز عيد ، وبعدها انضمت لفرقة أحمد الشامي
وكان فنانا مصريا كون فرقة مسرحية تجوب محافظات ومراكز مصر ليقدم مسرحياته
الاستعراضية الغنائية المبهرة والتي وصلت فيها بديعة بسرعة الصاروخ لتصبح
بطلة الفرقة برقصها وغنائها وتمثيلها المتميز . 

زواجها من نجيب الريحاني

 شاركت
الراقصة الاستعراضية بديعة مصابني الفنان نجيب الريحاني عدة أعمال، فلم
يكن الوفاق الفني وحده هو الذي ربط بينهما، ليقرر «الريحاني» أن يتزوجها
وعاشا معا فترة من الوفاق لم تدم طويلا وتزوجت بديعة من نجيب الريحاني سنة
1925 حتى سنة 1949 قبل وفاته بأشهر وقد لعب نجيب الريحاني دورا فنيا كبيرا
في حياة بديعة مصابني وقد شكلا ثنائيا كبيرا في أكثر من عمل مسرحي وتجولا
في أنحاء العالم 

صورة نادرة للفنان نجيب الريحاني و زوجته بديعة مصابني

طلبت الطلاق من الريحاني بسبب النوم

بعد
فترة قصيرة من الحياة الزوجية الهادئة، حدث الانفصال على كافة المستويات
والسبب يرجع إلى طموح بديعة مصابني غير المتناهي والذي لا يمكن أن يسايره
نجيب الريحاني الذي وصفته آنذاك بالكسول في طموحه وحياته العملية أيضا
لدرجة أنها قالت عنه إنه كان يحب النوم مثل عينيه وأنه من الممكن أن يصل
الليل بالنهار نوما.

بعد
الطلاق من الفنان الكبير الراحل نجيب الريحاني، قررت بديعة مصابني عدم
العودة للتمثيل وافتتحت صالة في عماد الدين تغني وترقص فيها وكان هذا عام
1925.

كازينو بديعة .. مدرسة الفن 

في
عام 1929 ابتعدت بديعة مصابني رقصة شرقيه خاصه بها وعرفت بإسمها ، لتقوم
بعدها بافتتاح صالة للرقص بإسم “كازينو بديعة” في ميدان الأوبرا .

 شكلت
فرقة غنائية راقصة ولدت عملاقة ضمت أشهر مطربي ذلك الزمن ومنهم فاطمة سري
وكانت تقدم أغنية «رنة خلخالى يا امه» ونجاة على والشيخ سيد الصفتي ومطربة
القطرين فتحية أحمد وماري جبران.

وكانت
فرقتها أشبه بمدرسة تخرج فيها عدد كبير من فناني الغناء الاستعراضي ومن
أبرزهم فريد الأطرش وتحية كاريوكا وسامية جمال و حكمت فهمي وحورية محمد
وببا عز الدين واختها شوشو عز الدين ومحمد عبد المطلب وهاجر حمدي ومحمد
الكحلاوي ومحمد فوزي وإسماعيل ياسين. ممن لمعت أسماؤهم في مجال الفن في
السينما والمسرح والاستعراض .وهجرت زينات صدقي صالات الإسكندرية وانضمت إلى
بديعة

 وتزاحمت
الصالة بالعديد من المطربين منهم محمد فوزي وإبراهيم حمودة ومحمود الشريف
الذي كان يلحن ويغني في ذلك الوقت ومطرب الموشحات أحمد عبدالقادر وإسماعيل
ياسين وثريا حلمي حيث سطع نجم كل هؤلاء من صالة بديعة مصابني مدرسة الفن
وصاحبة الشخصية القوية و القرار الصارم والإدارة الحكيمة. 

عميدة الرقص الشرقي

لقبت
بعميدة الرقص الشرقي، إذ تخرجت في ناديها غالبية راقصات مصر، فكانت تعلم
أصول وتكنيك الرقص الشرقي، وجميع أنواع الرقص الأخرى منها التركي والعجمي
واللبناني والإفرنجي. وتعتبر تحية كاريوكا من أشهر الراقصات اللواتي تعلمن
على يدي بديعة، وكانت تلقبها “بالمايسترو”، كما كانت تعتبرها كبيرة
الراقصات حينذاك، لما تمتاز به من إتقان للرقص الشرقي بشكل مبهر، فكانت
متربعة على عرش الشرقي فترة طويلة بسبب تعاليم بديعة مصابني لها.

سامية
جمال أيضاً راقصة أخرى تخرجت من كازينو بديعة، وهي من أطلقت عليها اسم
سامية بدلاً من زينب، لتصبح سامية من أجمل وأشهر راقصات مصر حينذاك.

الملك فاروق من رواد كازينو بديعة

كان
من رواد الكازينو الأدباء والشعراء والفنانين مثل نجيب محفوظ ، حيث كانوا
يعقدون ندواتهم في حديقة الأزبكية ، كما كان من رواده الاوائل الملك فاروق .

حين
اندلعت الحرب العالمية الثانية، تحول الكازينو إلى أداة للترفيه عن الجنود
الإنجليز، الذين يخوضون حرباً ضد الألمان داخل مصر.  وفي عام 1949، بعد أن
وصل الكازينو إلى قمة المجد والنجاح من الرقص والغناء والاستعراضات، وكونت
بديعة ثروة هائلة، طالبتها مصلحة الضرائب بديون طائلة. حاولت أن تتفاوض مع
مصلحة الضرائب لتخفيف المبلغ، لكنها فشلت وكادت المصلحة تحجز عليها، ما
جعل الكثير من الفنانين يهجرون الكازينو .

هروب بديعة مصابني إلي لبنان

بعد
انتهاء الحرب، حاولت بديعة العودة مرة أخرى لاستعادة مجد الكازينو، لكن
معظم الفنانين الذين تبنتهم كانوا قد اتجهوا للعمل في السينما، فخسر مسرحها
الاستعراضي العديد من الفنانين، وبدأت الضرائب تطالبها بديون قديمة لم
تسددها، كما بدأت تضيق عليها الخناق، وتهددها بالحجز والبيع. 

وفي
عام 1950 قررت بديعة مصابني الهروب بممتلكاتها إلى بلدها لبنان من خلال
صديقها الإنجليزي الذي اصطحبها على طائرة خاصة إلى لبنان . 

افتتحت محل ألبان

لم تعد بديعة مصابني للفن مرة ثانية بل قررت فتح متجر  للألبان والأجبان في مدينة «شتورة» وظلت تدير هذا المكان 24 عاما .

وفاة بديعة مصابني

وقعت
بديعة مصابني على الدرج في أحد الأيام الأخيرة من حياتها ، وأدخلت مستشفى
تل شيحا في زحلة بلبنان ، ولاقت ربها في يوم 23 يوليو العام 1974 عن عمر
يناهز الثانية والثمانين من عمرها .