ماذا يحدث إذا توقفت الأرض عن الدوران ؟

 »ما هو دوران الأرض ؟  

لم
يكن دوران الأرض من الحقائق المعترف بها قديماً ، فنحن لا نري الأرض تدور
لأننا نعيش عليها ، ونري السماء والشمس والقمر والنجوم وكأنها هي التي تدور
حول الأرض ، إلا أن الأرض وجميع الكواكب في حركة دورانية مستمرة منذ نشأة
الكون ، فالأرض تدور حول محورها من الغرب إلي الشرق ، أي عكس إتجاه عقارب
الساعة ، وقد بدأت الأرض بالدوران مع ولادة النظام الشمسي من سديم قبل
مليارات السنين ، و” السديم ” هو سحابة عملاقة من الغاز والغبار ، تكونت
منها الأجرام الفضائية بما في ذلك الشمس والأرض والكواكب الأخري ، وإكتسبت
كل هذه الكواكب نوعاً من الدوران الطبيعي ، وعندما إكتمل الشكل الكروي
للشمس والكواكب إزدادت سرعتها في الدوران ، مثلما يحدث مع المتزلجين أو
الراقصين علي الجليد أثناء دورانهم ، فعندما يضم المتزلج ذراعيه تزداد سرعة
دورانه .  

»ماذا يحدث إذا توقفت الأرض عن الدوران ؟ 

تعتمد
الحياة علي الأرض أساساً علي قدرة الكوكب علي الدوران ، لكن لنفترض أن
هناك قوة أو سبب ما أوقف الأرض فجأة عن الدوران ، عندها جميع ما علي الأرض
سيستمر بالدوران ، بما في ذلك الغلاف الجوي والمحيطات ، لأنها ستعاني من
القصور الذاتي الذي يمنعها من التوقف فجأة ، وبالتالي سيكون حدثاً كارثياً
يؤدي إلي تدمير تام لكل شئ علي الأرض . 

»ماذا يحدث للأيام و لحرارة الأرض إذا توقفت الأرض عن الدوران ؟ 

تدور
الأرض حول محورها مرة كل 24 ساعة ، ولهذا السبب لدينا 24 ساعة في اليوم ،
وتبلغ سرعة دوران الأرض عند خط الإستواء حوالي 1670 كم/ساعة ، أي أكبر
بقليل من سرعة الصوت ، وإذا توقفت الأرض عن الدوران حول محورها قد يستمر
اليوم لمدة عام كامل ، وسيستقبل كل مكان علي الأرض ستة أشهر من ضوء الشمس
المستمر ، بدلاً من تعاقب الليل والنهار خلال اليوم . 

سيؤدي
هذه إلي تسخين نصف الكوكب إلي درجات حرارة عالية بشكل كبير (حوالي 100
درجة مئوية)، والتي يستحيل حياة الإنسان فيها ، بينما يبرد النصف الآخر
برودة شديدة بسبب غياب الشمس عنه لمدة ستة شهور ، لكن قد تستمر الحياة في
منطقة ضيقة   بين النصفين الحار والبارد ، إلا أن هذه المنطقة ستزحف ببطء
وتتغير علي مدار العام مع حركة الأرض حول الشمس في مدارها السنوي .  

دوران كوكب الأرض

ستعتمد
درجة حرارة سطح الأرض علي الموقع بالنسبة لخط العرض ، بحيث تكون الأرض
أكثر سخونة مما هي عليه الآن عند خط الإستواء مقارنة بالقطبين التي تكون
أشعة الشمس عندها أكثر ميلاً وأقل كفاءة في تسخين الأرض ، هذا التدرج طويل
المدي في درجات الحرارة من شأنه أن يغير نمط دوران الرياح في الغلاف الجوي ،
بحيث ينتقل الهواء من خط الإستواء إلي القطبين بدلاً من أنظمة الرياح
الموازية لخط الإستواء كما هي الآن .  

»ماذا سيحدث للبحار والمحيطات إذا توقفت الأرض عن الدوران ؟

عندما
تدور الأرض تتولد قوة طرد مركزي ، أدت هذه القوة علي مدي مليارات السنين
إلي دفع المنطقة الوسطي في الكوكب لتكون منتقخة ، لذلك يزيد قطر الأرض عند
خط الإستواء بنحو 21.4 كم عن قطر الأرض عند القطبين ، وهذا الإنتفاخ في
الأرض الصلبة تطور ببطء عبر مليارات السنين ، لأن إستجابة المادة الصلبة
لقوة الطرد المركزي الناتجة عن دوران الأرض بطيئة ، إلا أن الماء السائل
أكثر قدرة علي الحركة ، مما دفع الماء للإرتفاع عند خط الإستواء بنحو 8 كم
أكثر من لو لم يكن هناك دوران للأرض . 

لكن
إذا توقفت الأرض ببطء عن الدوران ، فستهاجر المحيطات تدريجياً بإتجاه
القطبين وتبتعد عن خط الإستواء ، مما يؤدي إلي تقسيم محيطات الأرض إلي
محيطين قطبين كبيرين تفصل بينهما أرض جافة في المنتصف ، وسيغرق نصف العالم
تحت الماء . 

»ماذا سيحدث للمجال المغناطيسي للأرض إذا توقفت الأرض عن الدوران ؟

يعتبر
دوران الأرض أحد العوامل التي ساهمت في تكون مجالها المغناطيسي ، وذلك من
خلال تأثير حركة الأرض علي تكوين دوامات في اللب السائل للأرض والغني
بالحديد المنصهر ، فإذا توقفت الأرض عن الدوران ستنخفض مغناطيسية لب الأرض
ويختفي المجال المغناطيسي الذي يحمي الأرض من الرياح الشمسية المحملة
بالجسيمات المشحونة الضارة والأشعة الكونية عالية الطاقة ، ولن تظهر
الأضواء القطبية (الشفق القطبي) ، ومن المحتمل أن تختفي أحزمة “فان ألين”
الإشعاعية . 

»هل يمكن أن تتوقف الأرض فعلاً عن الدوران ؟

من
الضمانات التي يقدمها العلم هو أن الأرض لن تتوقف أبداً عن الدوران ، وذلك
لأن الدوران جزء من نسيج الكون ، وحتي لو جفت محيطات الأرض علي مدي
مليارات السنين من الأن وأصبح الكوكب كرة صخرية ملتهبة ، فستستمر الأرض
بالدوران ، إذ من المعروف في علم الفيزياء أن الأجسام الدوارة تستمر في
الدوران ما لم يكن هناك تغيير في الطاقة ، كأن يتأثر الجسم بإحتكاك كبير
يتمكن من إيقافه ، وبينما يحدث ذلك بسهولة مع بعض الأدوات والأشياء مثل
الرؤوس الدوارة ، لا يوجد شئ في الفضاء الخارجي كبير يما يكفي لإيقاف دوران
الأرض أكثر من إبطائها بمقدار ضئيل .