نبذة مختصرة عن الفنان حسن عبد الحميد
الفنان الراحل حسن عبد الحميد واحد من الفنانين الذين حملوا علي عاتقهم هم الدراما التلفزيونية في الثمانينات و التسعينيات من القرن الماضي .
الفنان حسن عبد الحميد كان صاحب بصمة واضحة في تاريخ المسرح المصري ، وقيمة فنية كبيرة قل أن يجود بها الزمان ، والغريب في الأمر أن الفنان حسن عبد الحميد كان يكره الأضواء والشهرة ، ويكره اي ظهور إعلامي ، وينزوي بعيداً عن الناس ، مما جعل الشائعات تنتشر من حوله ،
وفي هذا التقرير سنحاول إلقاء الضوء على جوانب من شخصيته التي لا يعرفها الجمهور ، وخاصة المحب لأعمال هذا الفنان القدير.

مولد الفنان حسن عبد الحميد
ولد الفنان حسن عبد الحميد
في السادس من أبريل عام 1932 ، بدأ شغفه بالمسرح أثناء دراسته الابتدائية
، حيث تميز في فن الإلقاء والنطق السليم للغة العربية ، فكان الدافع
لاختياره مع مجموعة من زملائه لتمثيل أدوار صغيره على خشبة المسرح القومي ،
ومن هنا بدأ عشقه للمسرح الذي أعطاه عمره .
دراسة الفنان حسن عبد الحميد
رفضت أسرته دراسة التمثيل وفكرة ان يحترف العمل بالفن ، فانصاع لرغبتهم والتحق حسن عبد الحميد بكلية الطب البيطري التي تخرج منها عام 1956 ، وكان يدرس في نفس الوقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية .
سفره إلي السودان
ظروفه الأسرية الصعبة جعلت حسن عبد الحميد
يضطر للسفر إلى السودان والعمل هناك طبيب بيطري ، مما حرمه من إنهاء
دراسته بمعهد الفنون المسرحيه ، وكان متبقي له سنة واحدة علي التخرج ،
ولكنه فضل الوقوف بجانب أسرته على تحقيق حلمه .
رائد المسرح الحديث
تقديراً
لموهبته الكبيرة تقدم كل من الفنان الراحل زكي طليمات والفنان الراحل نبيل
الألفي بطلب إلى عميد المعهد العالي للفنون المسرحيه ، الذي تقدم بدوره
بطلب للسيد ثروت عكاشة وزير الثقافة حينها ، ليتم إستثناء حسن عبد الحميد حتى ينهي دراسته بآخر سنة دون أن يبدأ في الدراسة من جديد ، وبالفعل تم قبول الطلب وانهي حسن عبد الحميد السنة الأخيرة في المعهد عام 1960 ، وسافر بعدها في بعثة إلى يوغسلافيا لدراسة أصول مسرح الثقافه الجماهيرية هناك .
مؤسس الثقافة الجماهيرية في مصر
كثيرون لا يعرفون أن الفنان حسن عبد الحميد
هو مؤسس الثقافه الجماهيرية في مصر ، الذي أنشأه بعد عودته من البعثة
وطاف به كل المحافظات ، ثم اصبح مشرفا عاما له ، وتتلمذ على يديه العديد
من الممثلين الذين اصبح معظمهم نجوما ، ولم يبخل عليهم بمعلومة او نصيحة ،
وكان يساعدهم في اداء امتحانات قبولهم بالمعهد العالي للفنون المسرحيه ،
وكذلك في إخراج مشاريع تخرجهم منه .
أول من طبق مسرح الجيب
كذلك كان الفنان حسن عبد الحميد
أول من طبق فكرة مسرح الجيب او “مسرح ال 100 كرسي” ، وهو ما يعرف بالمسرح
التجريبي ، بأدائه دور “نيل” في مسرحية “لعبة النهاية” لبيكيت إخراج سعد
اردش ، و قد صرح فى حوار صحفى له أنه كان أول من مارس هذا النوع من المسرح
في مصر معبراً عن اسفه بأن المسرح التجريبي لا يراه الا المهتمون فقط ، فقد
كان يأمل أن يرتاده الجمهور العام أيضا .

عملاق المسرح
قال عنه الفنان “جورج ابيض مؤسس المسرح” حسن عبد الحميد فنان وسوف يكون عملاق ، كما قال “سخسوخ” مدير المسرح القومي إن حسن عبد الحميد هو رائد المسرح الحديث
ظاهرة مسرحيه عجيبة
يعد الفنان حسن عبد الحميد
ظاهرة مسرحيه عجيبة ، فقد كان يستطيع ان يجسد شخصية على المسرح في 30 ليلة
عرض ب 30 أداء مختلفاً لكل ليلة ، فلو ذهبت لتشاهده على المسرح يوماً ما
وشاهدته في الليله التالية ، ستفاجأ بأداء مختلف عن الليلة الماضية ، وكأن
الذي أمامك هو ممثل آخر غير الذي شاهدته بالأمس .
لا يحب المناصب القيادية
كان لا يحب المناصب فرفض الفنان حسن عبد الحميد
ترشيح الفنان “محمود الحديني” بأن يتولى منصب مدير المسرح القومي خلفا له ،
فكان يرى ان ممارسه الفنان للأعمال الإدارية يشل إبداعه ويقيد خياله ،
وربما يقيد عمله كممثل .
شارل سمحون أشهر ادواره
أتجه الفنان حسن عبد الحميد
الى التمثيل في الدراما التلفزيونية ، بعدما آل إليه حال المسرح ، الذي
فقد بريقه المعتاد ، وعزف الجمهور عن الذهاب إليه و فضلوا الجلوس في
منازلهم ، ولكنه كعادته أبدع في كل أدواره على الشاشه الصغيرة ، وقدم
أعمالا محفورة في ذاكرة المشاهدين حتى اليوم ، فمن منا ينسى دوره الأشهر في
مسلسل “رافت الهجان” بأدائه دور الشخصية الشهيرة “شارل سمحون” رجل الأعمال
اليهودي الذي أبدع حسن عبد الحميد في أدائه بطريقة مختلفة عن الفنانين الذين سبقوه ،

لم
يلجأ إلى تغيير طبقة الصوت بالاعتماد على النظرات الغريبة ورفع الحواجب !
والملابس والشكل المحفوظ لشخصية اليهودي في السينما والتلفزيون التي
سئمناها ، ولكنه أبهرنا بأداء رصين هادئ دون انفعال غير مبرر ، ونجح في
نسج خيوط شخصية الأب الذي فقد ابنه وهو طفل ، ووجد في “ديفيد” أو رأفت
الهجان تعويضا له عن إبنه الفقيد ، مما جعل المشاهدين في حيرة : هل
يتعاطفون مع سمحون ؟! أم يكرهونه ؟
دموع في عيون وقحة
مرة أخرى يبدع الفنان حسن عبد الحميد
ولكن هذه المرة في مسلسل “دموع في عيون وقحة” ، في أداء شخصية يهودي
إسرائيلي يدعى “ديفيد” يعمل لصالح جهاز الموساد ، و يساهم في تجنيد “جمعة
الشوان” ليعمل جاسوسا للمخابرات الاسرائيليه ،

وفي آخر مشهد بالمسلسل تجلت قدرات الفنان حسن عبد الحميد
الفنية في قراءة رسالة المخابرات المصريه الي المخابرات الاسرائيليه ،
التي تعلن فيها عن حصول مصر على أحدث جهاز إنذار في العالم تمتلكه إسرائيل ،
في ضربه موجعه للموساد ، حبث نجحت تعبيرات وجه ديفيد في شعورنا بمدي
الحسرة والذهول والألم وهو يقرأ الرسالة .
ثنائي ناجح مع يحيى الفخراني
كون
ثنائي فني مع الفنان یحیى الفخراني، في عدة أعمال فنیة، إذ شارك معھ في
“یتربى في عزو”، و”المرسي والبحار” و”للعدالة وجوه كثیرة”، وقدم أيضا مسلسل
أوان الورد .
كان یجید التمثیل باللغة العربیة الفصحي، لذا قدم الفنان حسن عبد الحميد
العدید من الأعمال الفنیة التاریخیة والدینیة، التي قدمھا التلفزیون
المصري بكثرة في التسعینیات ، مثل مسرحیة “شروق الإسلام”، و مسلسل “نور
الدین زنكي .

هذا الفيلم ندم عليه
قدم الفنان حسن عبد الحميد
عدد قليل من الافلام السينمائيه ، منها فيلم مع المخرج الراحل يوسف شاهين
هو “المهاجر” وفيلم الجحيم مع عادل إمام و مديحة كامل ، وفيلم أبدى
الفنان حسن عبد الحميد ندمه كثيراً على دوره في فيلم “إحنا اللي سرقنا الحرامية” مع محمد صبحي لأنه لم يضيف له شيئاً على حد تعبيره.
رفض الماديات
تقول ابنته سندريلا حسن أن والدها الفنان حسن عبد الحميد
كان ينتقي أدواره بعناية شديدة ، ولم يقدم اي عمل علي الإطلاق من أجل
المال ، مشيرة إلى انه كان خفيف الظل مبتسم الوجه متفتح العقل لكل ما هو
جديد ، ولم يعش في عزلة كما أشيع عنه .
اتهامه بممارسة اليهودية في الخفاء
كانت حياة الفنان حسن عبد الحميد
العائلیة ھادئة و وكان صاحب أخلاق عالیة، وعلي الرغم من كونه لم ینل أي
بطولات تذكر إلا انه ترك بصمة في كل أعماله ، وانتشرت شائعات بعد وفاته
بأنه یھودي الدیانة ، وتم اتھامه بأنه كان یمارس الیھودیة فى الخفاء ، ما
جعل نجله سامح عبد الحمید ، خبیر تخطیط الأعمال ، یوضح ھذه الحقیقة
من خلال مداخلة ھاتفیة مع الإعلامیة أسماء مصطفى عبر برنامج “ھذا الصباح”،
وقال إن الیھودیة والمسیحیة لیست تھمة، حتى تدفعھا الأسرة عن الوالد ،
مضیفا: “جیرانه كانوا بیصلوا معاه الجمعة”، بالإضافة لمشاركته في العدید من
الأعمال الدینیة.
حالة نفسية سيئة
عاش الفنان حسن عبد الحميد
في حالة نفسية سيئة في آخر عام من حياته ، فقد كان يشعر بالشفقة على حال
الفن وما وصل إليه ، حيث كان مبدأه ان الفن يجب أن يحمل رسالة للجمهور .
حوار صحفي وحيد أجراه
قال الفنان حسن عبد الحميد
في حواره الصحفي الوحيد الذي أجراه واصفا نفسه ، انا على مدي عمري الفني
أسبح ضد التيار ، والله أعلم أن أملي دائما ان يعود الجمهور إلي المسرح ،
ولكن كيف ؟ هذه مسئولية المسئولين عن المسرح ، مضيفاً انا لا ادعوا
للعودة إلى مسرح الستينات ، ولكن أطالب بالمزيد من المحاولات الجادة التي
يقوم بها الشباب ، والعواجيز أمثالي .
أين ذهب الوفاء
رحل الفنان المبدع حسن عبد الحميد
بعد صراع مرير مع المرض عانى منه في آخر عام في حياته ، كما عانى نفسياً
من عدم زيارة أي فنان له طوال رحلته مع المرض وقال وقتها جملة مؤثرة ” أين
ذهب الوفاء”
وفاة الفنان حسن عبد الحميد
رحل الفنان حسن عبد الحميد يوم 21 اكتوبر عام 2009 عن عمر يناهز 77 سنة في هدوء كما عاش في هدوء .
https://m.janatna.com