حوار بين ثلاثة أشخاص عن بر الْوَالِدَيْنِ
بدأت الحصة مع دقة الجرس ، وبدأ المعلم يسأل الطلاب في مقدمة عن بر الوالدين وما معناها :
فقال المعلم : هل يعلم أحداً منكم أيها الأطفال معنى كلمة بر الوالدين .
قال
أنس : نعم يا معلمي فقط تحدثت مع أبي عن هذا الموضوع في الفترة الأخيرة ،
وقد أخبرني والدي أن بر الوالدين يعني طاعتهما في أمر لا يغضب الله – عز
وجل – .
فردت سارة : ويجب أن نساعد
والدانا في كل أمر من أمور المنزل التي نستطيع فعلها ، ولا تعرضنا للأذى ،
فدائماً ولدي يقول أننا يجب أن نساعد ولدتنا في أعمال المنزل لأن ذلك من
البر بها .
المعلم : ما أجمل المعاني التي ذكرتموها يا أطفال ، ولكن هل تعلم عن بر الوالدين
أن هناك رجل جاء لنبي فقال : (يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ
معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ، قالَ: ويحَكَ
أحيَّةٌ أمُّكَ؟ قُلتُ: نعَم، قالَ: ارجَع فبِرَّها، ثمَّ أتيتُهُ منَ
الجانبِ الآخَرِ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ
أبتغي بذلِكَ وجهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرَةَ، قالَ: وَيحَكَ أحيَّةٌ
أمُّكَ؟ قلتُ: نعَم يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: فارجِع إليْها فبِرَّها، ثمَّ
أتيتُهُ من أمامِهِ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ
معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ، قالَ: ويحَكَ أحيَّةٌ
أمُّكَ؟ قُلتُ: نعَم يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: ويحَكَ الزَم رِجلَها فثمَّ
الجنَّةُ) .
فهذا يدل على أن بر
الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله – عز وجل – وما أغلاه من شرف ومكانة
يجب أن يتحلى المرء بها لينال رضي الله – عز وجل – ورضي نبيه محمد – صلى
الله عليه وسلم – وكما أن بر الوالدين مقدم على الجهاد فأن الله – عز وجل –
قد ذكر بر الوالدين وطاعتهما بعد طاعته وطاعة نبيه فقال في كتابه الكريم :
(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ
كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا
قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا* رَّبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ
كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا).
ساره :
نعم يا معلمي الفاضل وقد أخذنا في السنة الماضي حديث عن النبي – صلى الله
عليه وسلم – يقول فيه : (رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ
رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ
عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ
الجَنَّةَ) ، فذلك يدل على أن طاعة الوالدين دخل صاحبها الجنة ، وأن
الإنسان الذي لا يكرم والديه في حياتهما ويكونا سببا ً في دخوله الجنة وهو
شخص لا يغتنم الفرص ، ولا يرضى الله – عز وجل – عنه .
أنس
: لا يمكن لأحد أن يكون أحن علينا من والدينا فهما من لهم الفضل في وصولنا
إلى ما نحن عليه وهم أحث بالفضل من غيرهم ، حيث أن الأم هي من حملتنا لمدة
تسعة أشهر ، وكانت تتعب وتتألم وهي لا تريد إلا أن نكون بخير ونأتي إلى
هذه الدنيا ونحن بأحسن حال ، لذلك فأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في
الحديث الشريف : حين سأله رجل قال يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقال: (يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ:
أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ:
ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ) .
المعلم
: أحسنت يا ساره ، رضي الله عنك يا أنس أني لفخور بكما لأنكم تحفظون
الأحاديث النبوية الشريفة عن بر الوالدين وتعملان على أن تطبيقاتها في
حياتكم ، وتكرما والدكما بها ، وكذلك لاد من معرفة كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما
حوار بين شخصين عن بر الْوَالِدَيْنِ
في حوار بين شخصين عن بر الوالدين
جلست سميه ، يُسر في شرفة المنزل بعد شجار كبير بين والدتهما وسمية ،
وكانت يُسر تشعر بالضيق لأن والدتها أصبحت حزينة لما حدث ، وأن الأمر لم
يكن يجب أن يجرى بهذه الطريقة بين سمية ووالدتها ، وأرادت يسر أن تعلم
أخدتها أن هذا التصرف غير لائق وأنه لا يجب أن تتحدث بهذه الطريقة مرة أخرى
من والدتها :
فقالت يسر : أختي حبيبتي لما تشعرين بالضيق ؟
سمية : لقد تشاجرت أنا وأمي على أمر من الأمور وهي تعترض دائماً على تصرفاتي ولا تعجبها .
يسر : وأنتِ تعترضين دائماً على تصرفاتي ولا أغضب منك ؟ لماذا تعترضين ؟ .
سمية : لأنني أحبك وأريد منك أن تفعلي الصواب دائماً .
يسر
: وهل هناك أحد يحبك أكثر من والدتك ، أن أمنا هي التي تعد لنا الطعام ،
وتهتم لأمرنا أكثر من أي شخص عند التعب وتقوم على خدمتنا ، وخدمة والدنا ،
وهل هناك ما قصرت به في حقنا ؟
سمية : لا ولكنها لا تفهمني ، ولا تريد أن أفعل ما يحلو لي و ما أحبه .
يسر
: هل تعلمين يا سمية أن الصحابة – رضى الله عنهم – كانوا أكثر الناس براً
بوالدتهم ، وكانوا لا يعصون لهم أمراً و وأنه لا يحرم علينا أن نرفع
أصواتنا على أصوات والدتنا ، ويجب أن نحترمها ونقدرها وحتى كلمة أفي لا يجب
أن نقولها لهم فقد قال الله في كتابه العزيز : (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا
تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل
لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي
نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ
غَفُورًا) ، كما أننا يجب أن نطيعهم في أمر من أمور الدنيا إلا في معصية
الله – عز وجل – كما قال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ) .
سمية : ماذا يجب أن أفعل الآن لقد غضبت مني أمي كثيراً ، وذهبت إلى غرفتها ولا يمكن أن تسامحني .
يسر
: أن قلوب الأمهات أرق قلوب في الدنيا ، وهم أحن الناس بأولادهم ، ولا
يمكن لأمي أن لا تسامحك أذهبي وقبلي يديها ، واطلبي منها أن تسامحك ، وسوف
تفعل على الفور .
سمية : ولكنها كانت غاضبة غضباً شديداِ ، هل أنتظر للصباح حتى أعتذر منها ؟ .
يسر
: لا لا يجب أن تبيت أمك وهي غير راضية عنك ، فأن رضى الله من رضاهما ،
وسخطه – عز وجل – من سخطها فقد قال – جل وعلا – : (وَوَصَّيْنَا
الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا
وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ
أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ
وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي) .
سمية : حسناً سوف أذهب وأعتذر منها ، ولن أترك غرفتها حتى ترضى عني وتسامحني .
ذهبت
سمية إلى غرفة والدتها واعتذرت منها ، وما كان من أمها إلا أنها سامحتها
على فعلتها ، بل وأنها سمحت لها بأن تفعل ما تريده ولكن بضوابط معينة تسمح
للأم بأن تطمئن على ابنتها .
https://m.janatna.com