…
أصدرت وزارة الزراعة
الأميركية عام 2008 دليلا للحصول على “الكولين” (عنصر غذائي يشبه فيتامينات
المجموعة “بي”) من الطعام، بالتعاون مع الدكتور ستيفن زيزل، خبير التغذية
في جامعة كارولينا الشمالية.
وقال زيزل في مقال بحثي إن “الكولين
بالغ الأهمية لنمو الدماغ”، وأشار إلى “تشابه الكولين مع حمض الفوليك”،
بوصفهما مهمين للوقاية من عيوب الأنبوب العصبي للجنين (الدماغ والعمود
الفقري والحبل الشوكي).
واليوم يحذر الخبراء من أن “7% فقط من الإناث
في سن الحمل يحصلن على ما يكفي من الكولين”، وفقا لما نشرته صحيفة “ديلي
ميل” (Daily Mail) البريطانية أواخر مايو/أيار الماضي. في حين أن الحامل
يمكن أن تصل إلى المعدل اليومي الموصى به من الكولين (من 450 إلى 900
مليغراما) “عن طريق تناول نحو 3 بيضات يوميا”، إذ إن البيض أكبر مصدر
للكولين؛ “فالبيضة زنة 100 غرام، توفر 250 مليغراما من الكولين”، وفقا
لدليل وزارة الزراعة الأميركية.
لذا تقول ليلي نيكولز، اختصاصية
التغذية ومؤلفة كتاب “الغذاء الحقيقي لفترة الحمل” (أحد أكثر مؤلفاتها
مبيعا) “أعتقد أن كل امرأة حامل يجب أن تأكل البيض، باستثناء من يعانين من
حساسية البيض بالطبع”.
أهمية الكولين لطفلك
ونقلت
صحيفة ديلي ميل عن زيزل قوله “رغم أن الكولين يمكن أن يكون عنصرا غذائيا
أساسيا لنمو الدماغ؛ فإن كثيرين لا يحصلون على ما يكفي منه، سواء وهم أجنّة
في بطون أمهاتهم، أو في الألف يوم الأولى من حياتهم”. فالخلايا الجذعية
التي تُشكل الدماغ تتكون خلال هذه الفترة، ويعد الكولين الضمان لتكونها
بشكل صحيح؛ وإلا لن تتشكل بنية الدماغ على نحو طبيعي، مما قد يؤثر على
الطفل لبقية حياته، “فيكون الإدراك أسوأ في سن السابعة، والأداء المدرسي
ليس جيدا في سن 15 عاما”.
لذا، فإن المسؤولية -حسب زيزل-
“تقع على عاتق الأم لتزويد طفلها بهذا العنصر الغذائي، سواء أثناء حملها أو
من خلال حليب ثديها بعد الولادة”.
وأشار زيزل إلى الاعتراف بالكولين
كمغذيات مهمة من قبل معهد الطب عام 1998، ولم تُحدد إدارة الغذاء والدواء
مستويات الاستهلاك اليومي الموصى بها للنساء الحوامل حتى عام 2016، كما لم
تتضمن العديد من فيتامينات ما قبل الولادة هذه المادة الحاسمة في قائمة
مكوناتها حتى وقت قريب، “إلى أن بدأ أطباء الأطفال وصف المزيد من
الفيتامينات التي تشمل الكولين للنساء الحوامل”، بناء على توصية من
الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال عام 2019.
ويؤكد زيزل أن الأطفال
الذين لا يتلقون ما يكفي من الكولين في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم
“يُسجلون نتائج أسوأ في الاختبارات المعرفية، وغالبا يكون استيعابهم أقل من
أقرانهم”؛ بالإضافة إلى أنهم “يكونون أكثر عرضة للإصابة بشق سقف الحلق”.
سن المدرسة
ربطت
دراسة لجامعة كورنيل الأميركية -تم تمويلها من قبل المعهد الوطني للأغذية
والزراعة التابع لوزارة الزراعة الأميركية، ونُشرت في يناير/كانون الثاني
الماضي- “زيادة استهلاك الكولين أثناء الحمل بتحسين الأداء في المهام
الصعبة التي تتطلب اهتماما مستداما لدى الأطفال في سن السابعة”. ووجد
الباحثون أن “مضاعفة الكمية الموصى بها من الكولين أثناء الحمل -عن طريق
زيادة استهلاك البيض واللحوم الحمراء والأسماك والمكسرات- كان لها تأثير في
نمو دماغ الجنين”.
في هذه الدراسة -“التي تُعد الأحدث من حيث تتبع
الأطفال حتى سن المدرسة”- تناولت جميع النساء نظاما غذائيا مُجهزا بكمية
محددة من الكولين طوال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل؛ فاستهلك نصفهن 480
مليغراما من الكولين يوميا (بما يتجاوز قليلا المعدل الكافي الموصى به،
وهو 450 مليغراما يوميا)، بينما استهلك النصف الآخر 930 مليغراما من
الكولين يوميا، أي الضعف تقريبا.
وعند اختبار المواليد بعد أن بلغوا
من العمر 7 سنوات، أظهر أطفال النساء من المجموعة الأولى انخفاضا في الدقة
من البداية إلى النهاية في مهمة الانتباه المستمر؛ في حين حافظ أطفال
المجموعة الثانية على مستوى عال من الدقة طوال المهمة. واستندت هذه النتائج
الجديدة إلى دراسة سابقة للمجموعة البحثية نفسها ركزت على أنه “قد يكون
للكولين الكافي أثناء الحمل فوائد معرفية للأبناء في الطفولة”.
نصائح للحامل أو المرضع التي لا تُفضل البيض
أشار
بحث نُشر عام 2019 إلى أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال أقرت “بأهمية
مادة الكولين لبناء الدماغ”، ودعت أطباء الأطفال لضمان حصول الحوامل
والمرضعات على ما يكفي منه؛ عبر التوصية بتناول الحوامل ما لا يقل عن 450
مليغراما يوميا، والمُرضعات ما لا يقل عن 550 مليغراما يوميا. وأوضح البحث
أن الكولين أيضا “مفيد لوظيفة المشيمة بوصفها عضوا حيويا لنقل الأكسجين
والعناصر الغذائية للجنين”.
ولأن بعض الحوامل والمرضعات قد لا
يتناولن الكثير من البيض، بسبب المخاوف من ارتفاع الكوليسترول في الدم؛
يُشير زيزل إلى أنه لا تزال هناك خيارات أخرى للحصول على كمية الكولين
اليومية، إذ تعد اللحوم الحمراء والأسماك من المصادر الممتازة للكولين،
“فهي تحتوي على أكثر من 75 مليغراما في كل 100 غرام من وزنها”، كما تشمل
المصادر الجيدة الأخرى “الحبوب الكاملة والبقول والفواكه والخضروات”.
أيضا،
“يمكن أن يكون الحليب مصدرا رائعا للكولين”، خاصة للأطفال الصغار الذين
يشربونه بانتظام، كجزء من نظامهم الغذائي اليومي؛ بشرط أن يكون حليب أبقار،
وليس بدائل الحليب الشائعة، مثل حليب اللوز أو الشوفان، لأنها “لا تحتوي
على مادة الكولين”.
كما ينصح زيزل الأمهات بالتأكد من أنهن يستهلكن
ما يكفي من الكولين إذا كن مرضعات، “إذ يتم تمرير الكولين عبر حليب الثدي
إلى أطفالهن”؛ مشيرا إلى أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية تلزم شركات
حليب الأطفال بأن يحتوي على ما يكفي من الكولين “ليقترب من حليب الأم
https://m.janatna.com