تشير دراسة جديدة إلى أن الشعور بـ الوحدة يؤثر على بعض الفئات العمرية بشكل أسوأ من غيرها.
إذ يؤكد العلماء أن الشعور بالوحدة هو مشكلة صحية عامة منتشرة وخطيرة
تؤثر على الصحة والرفاهية وطول العمر ، خاصة مع زيادة العمل عن بعد
والتباعد الاجتماعي وقيود الحجر الصحي. و يبدو أن ذلك يصيب بعض الفئات
العمرية بشكلٍ أسوأ من غيرها.
بالنسبة لي فقد جلست مع الدكتور فيفيك مورثي – الجراح العام التاسع عشر
للولايات المتحدة في عهد أوباما و عضو فرقة العمل المعنية بفيروس كورونا في
عهد جو بايدن. لقد كان مورثي صوتاً صريحاً للرفاهية العاطفية و الاهتمام
بما يسميه أزمة الصحة العامة للوحدة.
في كتابه، “معاً: قوة التشافي للتواصل البشري في عالم الوحدة” ، يصف
مورثي الوحدة بأنها أزمة. و قد ذكر أن الوحدة ترتبط بقصر العمر و زيادة
مخاطر الإصابة بأمراض القلب والخرف والاكتئاب والقلق. كما أن لها تأثيراً
عميقاً على كيفية ظهورنا في مكان العمل والمدرسة و المجتمع.
الشعور بالوحدة عبر الحياة
نشر فريق من الباحثين دراسة جديدة عن الشعور بالوحدة، في 10 نوفمبر 2020 في مجلة الطب النفسي السريري.
و قد أرادوا تحديد عوامل الخطر النفسية و البيئية المرتبطة بالوحدة في
مختلف الفئات العمرية. لقد استخدموا مسحاً على شبكة الإنترنت لـ 2843
مشاركاً ، تتراوح أعمارهم بين 20 و 69 عاماً ، من جميع أنحاء الولايات
المتحدة بين 10 أبريل 2019 و 10 مايو 2019.
اكتشف الباحثون أن المستويات المنخفضة من
التعاطف و الرحمة ، و الشبكات الاجتماعية الأصغر ، و عدم وجود زوج أو شريك ،
و اضطرابات النوم الأكبر، قد كانت مرتبطة بالوحدة عبر جميع عقود الحياة.
و قد ارتبط القلق العالي الناشئ عن انخفاض الكفاءة الذاتية
الاجتماعية – أو القدرة على عكس الثقة في ممارسة السيطرة على دوافع الفرد ،
وسلوكه ، وبيئته الاجتماعية – بوحدة أسوأ في جميع العقود ، باستثناء أولئك
في الستينيات من العمر.
و وجد الباحثون أن مستويات الوحدة كانت الأعلى ، في المتوسط ، في
العشرينات ، و أظهرت ذروة أخرى في منتصف الأربعينيات ، و كانت الأدنى في
الستينيات من العمر.
بعض الأسباب الكامنة
أشارت الدراسة إلى
أن الأشخاص في العشرينات من العمر كانوا يتعاملون مع ضغوط شديدة و ضغط
أثناء محاولتهم تأسيس مستقبل مهني، و في محاولة العثور على شريك الحياة.
فقد قالت تانيا نوين Tanya Nguyen، الكاتبة الأولى للدراسة:
“كثير من الناس في هذا العقد (العشرينيات
من العمر) يقارنون أنفسهم باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي ، و هم
قلقون بشأن عدد المعجبين والمتابعين لديهم”.
و تضيف نوين ، “قد يؤدي انخفاض مستوى الكفاءة الذاتية إلى مزيد من
الشعور بالوحدة”. حيث يبدأ الأشخاص في الأربعينيات من العمر في مواجهة
تحديات جسدية و مشكلات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.
و وفقاً للباحثين ، “يبدو أن التعاطف يقلل من مستوى الشعور بالوحدة في
جميع الأعمار ، ربما عن طريق تمكين الأفراد من إدراك و تفسير مشاعر الآخرين
بدقة إلى جانب السلوك المفيد تجاه الآخرين ، و بالتالي زيادة فعاليتهم
الذاتية الاجتماعية والشبكات الاجتماعية. “
الحلول المتوقعة
يوصي مؤلفو الدراسة بضرورة أن تأخذ جهود التدخل والوقاية المستقبلية في الاعتبار قضايا المرحلة من الحياة فيؤكدون أن:
“هناك حاجة إلى تحديد أولويات مخصصة ودقيقة لأهداف الوقاية في مجموعات مختلفة من الناس”.
على سبيل المثال ، وجدت دراسة جديدة
أُجريت قبل انتشار الوباء، و نشرت في المجلة الأمريكية للطب النفسي
للشيخوخة أن كبار السن الذين انضموا إلى فصول التمارين الجماعية أفادوا
بوحدة أقل و عزلة اجتماعية أقل أيضاً.
قد نعتقد ، مع وجود جميع الأجهزة الإلكترونية في متناول أيدينا ، أن الوحدة هي آخر ما يعاني منه الناس.
عندما سألت مورثي عن هذه الفكرة ، قال ، “يمكن أن يكون هناك افتراض أنه،
نظراً لأنك متصل فعلياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي Social Media أو
البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية التي تحميك بطريقة ما من الشعور
بالوحدة.
بالفعل -في بعض الأحيان- يمكن ذلك ، و لكن ليس دائماً.
ما يهم عندما يتعلق الأمر بالوحدة هو جودة
اتصالاتك مع الناس. إذ يمكن أن تكون التكنولوجيا -أحياناً- اتصالاً عالي
الجودة ، و في بعض الأحيان يمكن أن تنتقص من جودة الاتصال.
يمكن أن يقودنا إلى استبدال التفاعلات الأقل جودة بما كان يُعد تفاعلات شخصية عالية الجودة.
حيث يختلف نوع المحادثات التي تجريها عبر الرسائل النصية نوعاً ما، عن
المحادثات التي تجريها شخصياً أو على الهاتف عندما يمكنك سماع صوت شخص ما، و
فهم نبرته ومشاعره ونواياه “.
و يوصي مورثي بتخصيص وقت محدد، لنكون حاضرين بشكل كامل مع الأشخاص في حياتنا بشكل منتظم.
تقول مورثي: “يمكن أن يكون ذلك، من خلال التأكيد على أن يكون العشاء
العائلي بدون تكنولوجيا، أو ان يتم التحدث مع أصدقاء جيدين عندما لا تكون
هواتفنا المحمولة بأيدينا”.
و “الشيء الثاني هو الخدمة (مساعدة الآخرين) – باب قوي للخروج
من الوحدة ، سواءً أكان ذلك لمساعدة زميل في العمل أو التطوع لقضية في
المجتمع. فنحن لا نقوم فقط بإنشاء اتصال مع شخص آخر في تلك اللحظة و لكن
-حينها- نحن نُذكِّر أنفسنا بأن لدينا قيمة، و هناك قيمة نضيفها إلى
المجتمع ، و هو أمر قوي و مفيد في تقوية ارتباطنا بالذات “.
و يما يتعلق بمكان العمل
تقترح مورثي أن الشركات بحاجة إلى إدراك أن الوحدة يمكن أن تؤثر على
أرباحهم النهائية و أنه عندما لا يتمكن الموظفون من مشاركة شعورهم بالوحدة
بسبب العار الذي يلحق نتيجة ذلك، فإن ذلك يزيد الطين بلة.
و أوضحت قائلة: “عندما نكافح مع مشكلة لا يمكننا مشاركتها ، فإنها تعزلنا أكثر”. “
و في مكان العمل ، هناك قدر متزايد من البيانات من مصادر مختلفة، أن هذا
الوحدة أمر شائع حقاً بين الأشخاص في مكان العمل. عندما يكون العمال أو
الموظفين وحيدون ، فإن ذلك يؤثر سلباً على مشاركتهم و التي بدورها تؤثر على
إنتاجيتهم وإبداعهم.
كما أنه يؤثر على الطريقة التي يراها الآخرون بطريقة سلبية. فإذا كنت عضواً أو قائداً في مؤسسة ، فمن المنطقي أن تتعرف على أمرين:
- أن العديد من الأشخاص في مكان عملك ربما يعانون من الشعور بالوحدة ، كما تظهر البيانات.
- و أن هذه الوحدة تأتي بنتائج عكسية، ليس فقط للتفاعل الاجتماعي و لكن
بشكل ملموس للمخرجات التي تهتم بها المنظمة ، مثل الإنتاجية والإبداع.
https://m.janatna.com