مخترعة السم الأكثر عبقرية وكيداً ، والتي مارست القتل
لسنوات طويلة ، ليس حباً للدم وإنما بهدف مساعدة الزوجات التعيسات اللواتي
يعانين من ظلم وتسلط أزواجهن ، فكيف إستطاعت هذه السيدة الإفلات بفعلتها كل
هذه السنوات ؟ وما قصة وعاء الحساء الذي كان سبباً في إعدامها بعد ما
ساهمت في قتل ما يزيد عن 600 رجل ؟
في
مدينة باليرمو الإيطالية عاشت جوليا توفانا التي وصفت بأنها كانت تجمع بين
الجمال والذكاء ، فإهتمت منذ صغرها بصنع عقاقير وتركيب الأدوية ، لكنها
كانت تعيسة الحظ ، فقد كان والدها عنيفاً ولطالما أساء معاملة والدتها .
وفي عام 1633 تم إعدام والدتها ثوفانيا دادامو بتهمة قتل زوجها فرانسيس بالسم .
لم
تكن توفانا أوفر حظاً من والدتها في الزواج ، فقد تزوجت هي الأخري من رجل
يسئ معاملتها ، لكنها كانت أكثر علماً وإطلاعاً من والدتها ، فاستطاعت
تطوير سم لا لون له ولا طعم ولا رائحة ، والأهم من ذلك لا يمكن لأحد إكتشاف
أثره ، وهكذا قتلت توفانا زوجها وانتقلت مع إبنتها جيرولاما سبارا إلي
نابولي ثم إلي روما .
توفانا
صديقة النساء المعذبات في إيطاليا في القرن السابع عشر ، لم يكن للنساء أي
سلطات مادية أو إجتماعية ، وكن يجبرن علي الزواج في سن مبكر من رجال
غالباً ما يسيئون معاملتهن .
وكما
ورد في موقع ati لم يكن لدي النساء خيارات متعددة في الحياة ، إما أن
يتزوجن أو يبقين عازبات ويعتمدن في الغالب علي البقاء لتأمين متطلبات العيش
، أو يصبحن أرامل ميسورات الحال بعد أن يرثن أزواجهن .
وفي
ظل الواقع السيئ للسيدات الإيطاليات آنذاك ، إستطاعت جوليا توفانا أن تؤسس
شبكة علاقات قوية ، وسرعان ما باتت تعرف بأنها صديقة النساء المستضعفات .
لم
تكتف توفانا بالدعم المعنوي لأولئك النساء اللواتي يتعرضن للتعنيف الجسدي
من قبل أزواجهن ، بل قدمت لهن ما هو أكثر من ذلك بكثير : إكسير الخلاص .
إستقرت
توفانا في روما حيث إفتتحت متجراً لمستحضرات التجميل ، وبمساعدة إبنتها
ومجموعة من النساء الموثوق بهن ، بدأت ببيع منتج خاص للنساء المعنفات
حصرياً تحت إسم “أكوا توفانا” .
جوليا توفانا التي أخترعت السم |
كانت
تركيبة هذا السم عبقرية للغاية ، في 4 إلي 6 قطرات منه كفيلة بأن تقتل
رجلاً ، ولا يمكن تمييزه في حال وضع في طعام أو شراب إذ لا يمتلك ذلك السم
لوناً أو طعماً أو رائحة .
والأهم
من ذلك فقد كانت أعراضه تحاكي أعراض مرض شائع ، فقد كانت النساء يعطين
أزواجهن السم علي دفعات ، خلال الدفعة الأولي سيشعر الرجل بالضعف والإرهاق
فقط .
وعند تناول الجرعة الثانية ستبدأ أعراض أخري بالظهور مثل آلام المعدة والعطش الشديد والقئ.
ولحد
الآن لا يعلم أحد الوصفة الدقيقة لهذا السم ، لكن يعتقد أن توفانا إستخدمت
خليطاً من الزرنيخ والرصاص والبلادونا ، والذي كان شائعاً في مستحضرات
التجميل طوال القرن السابع عشر .
ولم
يكن “أكوا توفانا” يقضي علي ضحيته علي الفور ، بل يعطي فرصة للزوجة
القاتلة كي تظهر إهتمامها و إعتناءها بزوجها المسكين قبل أن تعطية الجرعة
الثالثة ويفارق الحياة .
وقد
ذهبت بعض النساء إلي أبعد من ذلك ، وطالبن الشرطة بتشريح جثة أزواجهن بعد
الموت ، والنتيجة لا أثر للسم والوفاة كانت بسبب المرض.
كانت
جوليا توفانا تضع خلطتها السامة في عبوات مستحضرات التجميل مما يسمح
للزوجة الراغبة في قتل زوجها بوضع عبوة السم في غرفتها بشكل إعتيادي دون أن
يشتبه زوجها في الأمر.
كانت جوليا تؤمن أنها تساعد النساء الغير سعيدات في
حياتهن الزوجية علي الخلاص من هذه الحياة بمساعدتهن علي قتل أزواجهن وكانت
تعتقد أن هذا مبرر كافٍ لفعلتها.
وهكذا
إستطاعت توفانا وعميلاتها أن يخدعن السلطات لعقود ، وربما كانت ستخدع
الجميع إلي الأبد لولا موجة تأنيب الضمير التي إنتابت واحدة من عميلاتها.
وعاء الحساء الذي كشف أمر توفانا :
تقول الحكاية إن نهاية توفانا كانت علي يد واحدة من عميلاتها.
كانت
تلك المرأة تشتكي من ظلم زوجها وتعنيفه المستمر لها ، وبعد تشجيع من
توفانا قررت التخلص منه إلي الأبد ووضعت له قطرتين من “أكوا توفانا” في
وعاء الحساء.
لكن قبل أن يضع الرجل الملعقة الأولي في فمه ، باغتته زوجته وأبعدت الملعقة من يده وتوسلت إليه ألا يتناول هذا الحساء.
أثار ذلك شكوك الرجل الذي ثار علي زوجته وإستمر في ضربها حتي إعترفت بتسميم الطعام.
فما كان من الزوج إلا أن قام علي الفور بتسليم زوجته إلي السلطات ، وبعد أن تعرضت للضغط إعترفت بأنها أشترت السم من جوليا توفانا .
السلطات البابوية تكشف توفانا والسكان المحليون يدافعون عنها :
طالبت
السلطات البابوية بعد تلك الحادثة بالقبض علي جوليا توفانا ، لكن شعبيتها
الكبيرة في روما جعلتها تنجو في البداية ، إذ قام السكان المحليون بحمايتها
، ومنحوها ملاذاً في الكنيسة .
لكن
سرعان ما تعالت الأصوات التي تتهم توفانا بالقتل العمد وتسميم مياه روما ،
الأمر الذي دفع الشرطة إلي إختراق الكنيسة وإعتقالها .
تحت التعذيب ، إعترفت توفانا بقتل 600 رجل بسمومها في روما وحدها بين عامي 1633 و 1651 .
وعلي آثر التهم والإعتراف تم إعدامها في نهاية المطاف مع إبنتها جيرولاما سيبرا ، وثلاثة من مساعدين آخرين ، في يوليو 1659 .
وقيل
إن تاريخها الإجرامي إستمر لفترة أطول من ذلك ولم تعدم حتي عام 1709 وبعد
وفاتها ، تم إلقاء جسدها فوق الحائط من الكنيسة التي وفرت لها الملاذ .
كما
تم إلقاء القبض علي بعض النساء اللواتي إستخدمن السم لقتل أزواجهن حيث حكم
بالإعدام علي نساء الطبقة الدنيا ، وبالسجن علي بعض نساء الطبقة العليا ،
فيما أستطاعت بعض الأرستقراطيات الهروب تماماً من العقاب بإدعائهن أنهن لم
يعرفن أن “أكوا توفانا” كان سماً قاتلاً .
https://m.janatna.com