الكونت دي نابلس الوجيه المتعالي .. ترك الأزهر من اجل الفن ، والضرائب قضت عليه .. قصة اخر ايام حياته

مولد و نشأة الفنان عبد السلام النابلسي

عبد السلام النابلسي من مواليد قرية عكار الموجودة على الحدود اللبنانية التركية سنة 1899 وكان والده ومعظم افراد اسرته من رجال الدين .

والد عبد السلام النابلسي احد رجال الدين

رحل عبد السلام النابلسي
مع والده الذي عين قاض في نابلس وكان عمره في ذلك الوقت ستة اعوام وكان
والده شديد الحرص علي ان يحفظ عبد السلام ابنه القران الكريم لكي يصبح من
رجال الدين مثل باقي افراد الاسرة .

التحاق عبد السلام النابلسي بالأزهر الشريف

التحق ” عبد السلام النابلسي” 
بمدرسة فرنسية في بيروت وظل مواظباً علي حفظ القرآن الكريم وعندما بلغ
عمره عشرون عام ارسله والده الي القاهرة لكي يتم تعليمه في الأزهر الشريف .

بداية حب عبد السلام النابلسي للفن 

واثناء تلك الفترة اندلعت ثورة 1919 والتي شارك فيها معظم طوائف الشعب المصري وشاهد عبد السلام النابلسي دور الفن والفنانين في الثورة واعجب بهم  ، فاصبح يتردد على شارع عماد الدين ويذهب إلى المسارح الموجودة هناك .

بداية عمل النابلسي في المسرح

انضم عبد السلام النابلسي
مع الوقت الي العديد من الفرق المسرحية لعل من اشهرها فرقة جورج ابيض وكان
يعمل معهم كهاوي بدون اجر لشدة حب للفن ، وعندما علم والده بذلك قطع عنه
المعونة والمصاريف التي كان يرسلها له كي يتمم دراسته بالأزهر الشريف .

انضم بعد ذلك عبد السلام النابلسي الي فرقة رمسيس التي كونها الفنان يوسف وهبي ولكن بعد فترة قصيرة تم طرده من الفرقة لعدم حفظه دوره المكتوب في المسرحية .

موهبته النابلسي في الأدب و الشعر 

لجأ  عبد السلام النابلسي
بعدها الي كتابة الشعر الذي كان يكتبه وايضا المقالات الأدبية المترجمة
حيث كان يتقن اللغة الفرنسية وعمل في جريدة اللطائف المصورة .

صورة نادرة للفنان عبد السلام النابلسي

اشتراك النابلسي في اول فيلم مصري

 اثناء
تلك الفترة تعرف علي المؤلف والمنتج  احمد جلال الذي كان يعمل في مجلة
الهلال وكان في ذلك الوقت يصور اول فيلم مصري وهو “ليلي” بطولة عزبزة امير
فاشترك عبد السلام النابلسي في الفيلم كومبارس وانبهر بأضواء السينما.

اول افلام عبد السلام النابلسي الفنية

بعدها عمل عبد السلام النابلسي
في عدة افلام ولكن كان يقوم بادوار الشر التي كانت لا تروق له فتركها وعمل
مساعد مخرج لفترة قصيرة مع الكثير من المخرجين في ذلك الوقت مثل توجو
مزراحي و ولي الدين سامح ولكن ايضا لم يستمر كثيراً في هذا المجال لانه كان
يحب ان يقف امام الكاميرا  ، حتي جاءته الفرصة ليعود مرة أخرى الي التمثيل
وكانت هذه المرة مع أسيا داغر في فيلم وخز الضمير .

انطلاقته عبد السلام النابلسي الحقيقية

كانت بداية انطلاقة الفنان عبد السلام النابلسي
الحقيقية عندما اشترك في فيلم العزيمة مع انور وجدي و حسين صدقي وكان يقوم
بدور الثري المتعالي او مدعي الثراء فأحبه الجمهور في تلك الشخصية وتهافت
عليه صناع الافلام والمخرجين .

عبد السلام النابلسي الوجيه المتعالي

كـ«برنس»  وجيه خرج لتوه من أفلام الأبيض والأسود، كان يظهر دائمًا نجم الكوميديّا الراحل، عبدالسلام النابلسي،
كان مظهره كلاسيكي و«جيبه» كلاسيكي أيضًا، يمتلك أحيانًا آلاف الجنيهات في
اليوم الواحد، وأيام أخرى لا يمتلك سوى حق قضاء ليلة واحدة في «بنسيون».

يعيش النابلسي حسب فلسفة برنارد شو

كان يعيش عبدالسلام النابلسي
حسبْ فلسفة الكاتب المسرحي، «برنارد شو»، التى تقول: «عندما أحزَن أغنَي
فاكتشف أنّ صوتي أسوأ من مشاكلي وابتسم»، فيما كان يردّد دائمًا: «أنا يا
صديقي أضحك لكى لا أبكي، أجل أبكي على هؤلاء الناس الذين زحموا حياتهُم
بمشاكل وتعقيدات ومطامع وأحقاد لا آخر لها، أننى أرثى لهم، صدقنّى أن
الحياة يجب ألا تكون فيها كُل المعضلات التى خلقها ويخلقها الناس»

اول واخر بطولة للفنان عبد السلام النابلسي

التزم عبدالسلام النابلسي
دور السنّيد طوال عمله بالسينما، ولكنه في أحد الأيام أراد القيام ببطولة
مطلقة، فأنتج فيلم «حلاق السيدات»، ولكنه لم يحقق نجاحًا حينها، فخسر
النابلسي جزء كبير من أمواله .

حجز الضرائب علي عبد السلام النابلسي

 وما زاد «الطين بلة»، أن مصلحة الضرائب بعد 35 عامًا، أرسلت إنذارًا إلى الفنان عبد السلام النابلسي
تطالبه بضرورة دفع مبلغ 16  ألف جنيه وفي رواية أخرى 61 ألف جنيه، كمّا
قالت زوجته، «جورجيت»، في حوارها مع «العاشرة مساءً»:«المبلغ كان كبير
جدًا»  ،  «مصلحة الضرائب جارت عليه، لو كان عبدالسلام اشتغل طول عمره وعمر
تاني، مكنش هيقدر يوفي حق الضرائب، طلبت مبلغ كبير جدًا»، وفلوسه راحت بعد
افلاس البنك  ورغم أن هُناك أصدقاء وقفوا بجانبه أمثال، يوسف السباعي وأم
كلثوم، لم يستطع حينها عبدالسلام النابلسي أن يُسدد ديونه ، فترك مصر ورحل الي بيروت

الفنان عبد السلام النابلسي مع زوجته جورجيت

رحيل عبد السلام النابلسي الي بيروت 

اضطر  عبدالسلام النابلسي لبيع منزله في مزاد علني بعد
ان حجزت الضرائب عليه ، وفي تلك الأثناء وصل إلى القاهرة صديقه الفنان
اللبناني، محمد سلمان، ليتعاقد معه على فيلم من إنتاجه وإخراجه ويجري
تصويره في لبنان، فكانت فرصة ذهبية لعبدالسلام تُنقذه من الضرائب، وخصوصاً
أن تأثير قرار التأميم قد طال السينما المصرية آنذاك.

فسافر عبدالسلام النابلسي
إلى بيروت، مخبئًا أمواله “تحويشة العمر”  داخل لعبة أطفال، ووضع داخلها
ثمن بيته وأعطى اللعبة لابنة صديقه محمد سلمان الصغيرة التى كانت صبية
صغيرة عمرها 4 سنوات، وكانت الطفلة ستسافر معهما على الطائرة المتجهة إلى
بيروت.

استقر الحال به في بيروت عام 1963 ولم يعود إلى مصر مرة أخرى بسبب الضرائب  وفي إحدى المرات في بيروت، سألت أم كلثوم صديقها عبدالسلام النابلسي
«مش هنشوفك في مصر؟»، فقال لها «حل لي المسألة مع الضرائب وأنا أرجع على
طول»، وعدته أم كلثوم بحل الأزمة، ولكن لم تحل ليستقر نهائيا في بيروت .

ضياع اموال النابلسي وصدمته الكبري

 وضع  الفنان عبد السلام النابلسي كل امواله التي اخرجها من مصر في بنك”  إنتره ” في بيروت ولكن البنك اعلن افلاسه عام 1968 فكانت الصدمة الكبري ل عبد السلام النابلسي  وتعثّرت حالته المادية تماماً ، 

اكتشاف إصابة النابلسي بمرض القلب

 اكتشف الفنان  عبدالسلام النابلسي
اصابته بمرض القلب بعد ضياع امواله في بنك انتره ، وكان يرفُض التصريح
بذلك حتى لا يزعج زوجته، كمّا قالت: «كان يتألم ورغم كده يقولي ما تخافيش
مفيش شئ»، وحتى لا يعزف عنهُ صناع السينما حينما يعلموا بحقيقة مرضه ،
بعدها سافر عبدالسلام النابلسي إلى تونس، ليُشارك في أحد
الأفلام مع الفنان الراحل، فريد شوقي، والفنانة صباح، ولكن القدر لم يُمهله
، حيث ذكرت الفنانة الراحلة صباح أنها كانت تسمع تأوهات ألمه من الغرفة
المجاورة بالفندق رغم أنه كان حريصًا على أن يفتح صنابير المياه حتى لا
يعلو صوت توجعاته».

كما
أنه كان يشعر بدنو أجله لدرجة أنه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج، وبعد
عودته أخذت حالته تزداد سوءا إلى أن امتنع عن الطعام تمامًا قبل أيام من
رحيله.

وفاة عبد السلام النابلسي بعد معاناة مع المرض

«عبدالسلام النابلسي
اتوفى وإيده في إيدي، ليلتها كان معزوم عندنا أصدقاء من مصر، حلمي رفلة،
كوكا، فريد شوقي، نيازي مصطفى، هدى سلطان. وعبدالسلام تعب بالليل، وجه
الإسعاف أخده ومات على باب المستشفى»، هكذا تذكّرت السيدة «جورجيت»، ليلة
وفاته، رحل «الكونت دي نابلوز» وهو مفلس،  بعد ان ترك لنا 271 فيلم ما زال
يشاهدها الجميع عندما تعرض ويرسم بها البسمة علي الشفاه ، وتكفّل فريد
الأطرش بمصاريف جنازته كاملة ، بل وتكفل برعابة زوجة الفنان عبد السلام النابلسي بعد وفاته .

ورغم أنه لبناني الأصل والمولد، أحبّ عبدالسلام النابلسي 
مصر كثيرًا، وكان يتمنى أن يُدفن على أرضها، كما قالت زوجته وأكدت
«عبدالسلام النابلسي كان كُل ما حد يعمل معه حديث لمجلة أو تلفزيون كان
يقول (لحم كتافي من خير مصر)».