إن الحب الحقيقي لا يزيد من مشاعر التألم و العذاب. .. وفي الواقع.. فإن الرومانسية التي تشعرك بالعذاب ليست حباً حقيقياً.
تروي الأغنية الكلاسيكية ” الخط رفيع بين الحب والكراهية” لـ “المقنعون”
The Persuaders ، قصة امرأة دُفعت إلى العنف بسبب غش شريكها لها.
فيما تناولت رواية: مرتفعات ويذرينغ Wuthering Heights لـ Emily Brontë
،العلاقة المؤلمة بين كاثرين Catherine وهيثكليف Heathcliff ، والتي جسدت
العلاقة المختلة بين الطرفين، والتي قد تدوم لعقود وتمتد عبر الأجيال.
وكما هو معلومٌ، فإن الدراما تنتج فناً عالياً ومقنعاً، ولكن يمكن أن
تكون الحقيقةُ مربكةٌ ومؤلمةٌ، ويصعب فهمها، بل من الصعب أحياناً التعرف
عليها تماماً في الحياة الواقعية.
فإذا كان الأمر مؤلماً لهذه الدرجة، ويتجاوز التفكير، فإنه من المرجح أن
يكون الشيء الحقيقي، كنمط التفكير، وخاصةً إذا تعلمته في سن مبكرة.
وفي هذا السياق، تقول مونيكا أونيل Monica O’Neal وهي طبيبة نفسية معتمدة في بوسطن،
“أن السبب الذي قد يدفعنا إلى الانجذاب في
علاقة تسبب لنا الشعور بعدم الارتياح ، هو ما تبدو عليه مشاعر الحب بالنسبة
لنا، فنحن لدينا هذا الدافع اللاوعي لتكرار الأنماط والسلوكيات”.
وقد يبدو الأمرُ طبيعي عندما تشعر بأن العلاقة تعاني من خلل..
ولكن إذا كنت قلقاً من انحراف العلاقة مع شريكك، فهناك بعض العلامات التي
يمكنها مساعدتك لمعرفة ما إذا كانت علاقتك تسير في الإتجاه الصحيح أم لا.
تشعر بالانجذاب السريع تجاه شخصٍ ما
بالتأكيد، من الممكن أن تقابل شخصاً ما وتقع في حبه، وينمو هذا الحب
ليصبح علاقة صحية وسعيدة، ولكن هذا النوع من الانجذاب قد يمهدُ لمرحلة
التقلب، و ذلك بحسب عالم النفس المتخصص سكوت ويلسون Scott T. Wilson.
ويضيف ويلسون Wilson: “إن الشخص الذي يشعر بالحب القوي، من الناحية
النظرية، يمكن أيضاً أن يكون له مشاعر سلبية قوية تجاه شخص ما، وهذان
الهدفان متناقضان، وغالباً ما يؤديان إلى علاقةٍ مضطربةٍ وغير مستقرة”.
وعلى الرغم من أن هذا النوع من التفاعل العاطفي قد يكون كثيفاً
ومتبادلاً ، إلا أنه يمكن أيضاً أن يجعلك تشعر بأنك أكثر ارتباطاً بهذا
الشخص أكثر مما كنت عليه حقاً.
وقد تعني هذه العلامة أيضاً، أن انجذابك لا يتعلق بهذا الشخص لنفسه بل بقدر ما يظهره لك، على سبيل المثال:
هل يذكرك بشخص آخر؟
هل تلبي احتياجك تجاه عاطفةٍ ما، كُنتَ قد فقدتها؟…. إذا قابلت شخصاً وشعرت على الفور بذلك بالفعل.. “هذا الحب شديدٌ جداً! يا إلهي! ” .
و تؤكد هنا أونيل O’Neal : أنه ” بحسب ما عرفتهم بحياتي الكاملة، فإن
ذلك عادة ما يكون علامة على أن مشاعرك ليست حقيقية تجاه هذا الشخص “.
اسأل نفسك:
هل أنا منجذب جسدياً لهذا الشخص؟
و ما الأشياء الأخرى التي جذبتني إليه؟
“إذا وجدت نفسك تشعر بالقلق منذ البداية ، فعادةً ما تكون هذه علامة تشير إلى ضرورة توخي الحذر”.
تقدم التنازلات للشريك في كثيرٍ من الأحيان
يطلق علماء النفس تعريف “التواصل غير المقيد” unmitigated communion،
على الأشخاص الذين يميلون دائماً إلى تلبية احتياجات الآخرين بينما
يتجاهلون احتياجاتهم الخاصة ، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على سلامتك النفسية مع
مرور الوقت.
فإذا كنت تشعر بأنك تقوم بتقديم الأعذار لشريكك أكثر من اللازم من أجل
إرضائه والحفاظ عليه، في هذه الحالة توصي أونيل O’Neal بإجراء فحصٍ، من قبل
صديقٍ موثوق به، ويكون على دراية بعلاقتك مع شريكك..
هل يشعر بنفس الطريقة؟ إذا أخبرك صديقك: “أنا لا أراك
في العلاقة”، فعادةً ما تكون هذه علامة تحذيرية، و عندها لابد لك من أن
تسأل نفسك عن السبب وراء استسلامك -لشريكك- طوال هذا الوقت.
وقد قسم الباحثون دوافع الأشخاص للتنازل في العلاقات إلى فئتين:
- دوافع “النهج” approach motives ، أي عندما تقوم بتقديم تضحيات
بهدفِ تقريبكما من شيءٍ ما مشترك ، أو تقوية الروابط بينكما ، أو تحقيق بعض
النتائج الإيجابية الأخرى.
- “دوافع التجنب” avoidance motives ، وتكون عندما تضحي ببساطة من أجل تجنب النزاع.
و ربما ليس من المستغرب أن الفئة الأولى قد أظهرت أنها تعمل على تحسين
العلاقة بين الشريكين ، في حين أن الفئة الأخيرة لها تأثير معاكس.
لا تتخاصم مع شريكك بشكلٍ عادلٍ و صحي
تقول أونيل O’Neal عن العلاقات الصحية
، أن وجود توازنٍ بين الحب والإنجذاب يخلق مزيداً من القدرة على التعايش
السلمي -معاً- في هذه العلاقة، دون وجود قلقٍ أو مواقف درامية، أما إذا
وجدت نفسك تنجذب بشدةٍ نحو شخصٍ ما فهذا يبدو وكإنك على حافة الهاوية.
وهذا لا يعني أن النزاع في حد ذاته شيءٌ سلبي، فقد تكون هناك بعض النزاعات الجيدة: وهي علامة على أنك تشعر بالأمان بما فيه الكفاية للاختلاف مع شريك حياتك.
فالنزاع الصحي يدفعك للعمل بشكلٍ منتجٍ من خلال مشكلاتك ، أما النزاع المدمر فيضر بعلاقتك.
وبخصوص توضيح النزاع الصحي، يقول ويلسون Wilson: “في العلاقات الصحية ،
يجب أن يكون هناك احترام متبادل، ويجب أن يعكس النزاع هذا الاحترام، حيث ان
الاستماع إلى مخاوف بعضنا البعض .
وأيضاً محاولة فهم وجهة نظر بعضنا البعض ، وبذل جهود حسنة النية لمعالجة هذه المخاوف، كلها عبارة عن مؤشرات على وجود خلاف صحي”.
ولكن يصبح النزاع مختلفاً تماماً في حالة العلاقات المختلة، يقول ويلسون
Wilson: “كونك عدواني أو رافض لكثيرٍ من الأمور، وتلقي باللوم وتهاجم
شريكك، وتهينه خلال النزاعات دون أن تقوم بحلها .
وهذا ما يسميه علماء النفس “الانسحاب” withdrawal، فكل تلك العلامات تكشف أن مهاراتك في القتال الجماعي ليس كما يجب أن تكون.
وكما يمكن أن يعتبر الانسحاب علاجاً صامتاً ، كذلك يمكن اعتباره ضاراً
تماماً مثل الصراخ. فبحسب دراسة أجريت في عام 2009 نظر الباحثون في كيفية
نشوب النزاعات في العلاقة من خلال “التواصل بين الطلب والانسحاب”، وهو
النمط الذي يطالب فيه أحد الشركاء بالاهتمام أو المودة، فيما ينسحب الآخر
استجابة لذلك.
فقد وجد الباحثون، أن الأزواج
الذين وقعوا في هذا النمط كانوا أكثر عرضة للمعاناة في الأزمات بالعلاقة،
فضلا عن الدائرة المتزايدة من العداء والصراعات التي لم تحسم بعد.
وفي حين يبدو -أكثر وضوحاً- أن ترك العلاقة مختلة بين الشريكين، هو أمرٌ
صحي بل وأكثر بقاءً، إلا أن أن العلاقة التي تتسم بالعاطفة الشديدة، كذلك
تكون معرضة دائماً للانهيار.
وقد نشرت مجلة (آخر ما تم التوصل إليه في علم النفس) Frontiers in
Psychology ، دراسة أجريت عام 2017 حول الخيانة الرومانسية romantic
betrayal، وأظهرت أنه من الممكن تماماً احتقارُ شخصٍ ما، بنفس القدر الذي
أحببته من قبل، وقد كتب المؤلفون: “ارتبطت مشاعر الحب القوية بالكراهية
الأكبر بعد كسر العلاقة” ، مما يشير إلى وجود صلة بين الحب الرومانسي
والكراهية.
وهو ما حذرنا منه فريق The Persuaders ، في أغنية ” الخط رفيع بين الحب والكراهية” عام 1971.
ما رأيك بالاستمتاع بسماع هذه الأغنية؟!
و مشاركتنا رأيك بالمقال في التعليقات ☺
https://m.janatna.com