نبذة مختصرة عن الفنان عبد الغني السيد
عبد الغني السيد.. أحد أهم مطربي البدايات في تاريخ الغناء العربي،
والذي حقق شهرة واسعة خلال فترتي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وساعده على ذلك امتلاكه صوتًا رخيمًا شجيًا..
لمع في الإذاعة المصرية مع افتتاحها عام 1934، وعمل في السينما بالتمثيل و الغناء ، حتي لقب ب “البلبل الباكي”
وعندما
أجرت مجلة الاثنين”الكواكب فيما بعد” استفتاء لأحسن مطرب ففاز عبد الغنى
السيد بالمركز الأول بينما حصل عبد الوهاب على المركز الثانى.
قدّم خلال مسيرته الفنية نحو 800 أغنية، ما بين أغاني مسرح وإذاعة وسينما وأغانٍ وطنيّة ورومانسيّة وقصائد ودينيّة.

مولد ونشأة الفنان عبد الغني السيد
ولد في 29 مارس عام 1908 ، عانى في طفولته كثيرًا، بعدما انفصل والداه، فلقى معاملة قاسية من زوجة أبيه،
التي
حاولت إبعاده عن البيت بكل الوسائل، حتى إنها أقدمت في مرة على إلقاء
المياه الساخنة عليه أثناء نومه، ما أصابه بحرق كبير في كتفه، فأعاده الأب
إلى حضانة الأم،
عمل استورجي في بداية حياته
والتي
بدورها أرسلته للعمل “استورجي” في “تلميع الموبيليا”، بأجر يومي 60 قرشًا ،
وأثناء عمله، اعتاد أن يغني، فكان صوته الجميل يلفت انتباه المارة،
بداية عبد الغني السيد الفنية
وفي
أحد الأيام تصادف وجود الموسيقار زكي مراد، والد المطربة ليلى والملحن
منير مراد، الذي سمع صوته وأعجب به، ثم قرر تبنيه فنيًا، ليترك السيد مهنته
ويحترف الغناء بالأفراح والصالات، وأقام معظم الوقت في بيت مراد، وأخذ
يتدرب مع أبنائه، ومن هنا كانت انطلاقته، حتى أصبح له وزنه بين مطربي شارع
محمد علي.

الفنان
عبد الغني السيد إلتقى عقب ذلك الموسيقار رياض السنباطي، ووقع معه عقد
إنشاء شركة “بيضافون” التي أصبحت أكبر شركة أسطوانات في مصر، وأصبح أول
مطرب يغني في الإذاعة المصرية عند افتتاحها.
وفي الثلاثينيات حققت أغنيته “نسيتي حبي بعد اللي كان” مبيعات قاربت المليون نسخة، وهي ظاهرة كان يصعب تحقيقها آنذاك.
علاقته بموسيقار الأجيال
من
المحطات المهمة في حياة “السيد” علاقته بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب،
وكانت بداية هذه العلاقة عندما استعانت المطربة منيرة المهدية به للقيام
بدور البطولة في مسرحية “كيلوبترا بدلا من عبد الوهاب الذي قرر أن يسافر
إلى بيروت لقضاء عطلته هناك .
وحقق البديل نجاحًا ملفتًا كممثل ومغنٍ
جعل “منيرة” تمد العرض شهرًا إضافيًا، وعلِم “عبد الوهاب” بهذا النجاح
فقطع إجازته وعاد إلى القاهرة ليشاهد العرض الختامي للمسرحية،
ومن
هنا نشأت بينهما صداقة كانت في ظاهرها وطيدة، لكنها لا تخلو من الحساسية
والغيرة الفنية، ما انعكس سلبًا على مسيرة “عبد الغني” والذي كان يستشير
موسيقار الأجيال بمشاريعه الفنية وكانت نصائحه أغلبها ليست من صالح “ عبد
الغني السيد”.
كانت لديه موهبة التقليد لدرجة أن “عبد الوهاب” كان يستغل هذه الموهبة في قياس ومعرفة مدى جمال أي صوت جديد من عدمه،
وصفه
عبد الوهاب قائلًا: “عبد الغني السيد هو الرجل الذي هزمني مرتين في
حياتي.. في المرة الأولى عندما كان منافسًا قويًا لي، وفي المرة الثانية
عندما مات فخسرت أقوى وأحب صديق لي”
كانت علاقة “ عبد الغني السيد”
بالست “أم كلثوم” كانت مقطوعة بسبب قربه من “عبد الوهاب” الذي كان منافسًا
لها بهذا الوقت. ، وكان يحاول أن يقتحم عالم موسيقار الأجيال، فكان يطلب
منه تقليد الشخص المراد معاينة صوته،
فإذا قام “السيد” بتقليده بشكل
ساخر فهذا معناه طرده تمامًا من جنه ألحان “عبد الوهاب”، أما إذا قلّده
بشكل لائق فهذا معناه أنه دخل عالم الموسيقار الكبير من أوسع أبوابه،
ومن شدة حبه لـ”عبد الوهاب” أصرّ على أن يسكن في منزل يطل على النيل الذي يعشقه أمام منزل صديق عمره.
قصة اغنية عالحلوه والمرة
ذات
يوم وبينما كان الشاعر مأمون الشناوي يستعد للتوجه إلى عمله، وضع يده في
جيبه لتستوقفه ورقة وجدها، وقرأ ما بداخلها ليجدها كلمات تصلح لأن تكون
أغنية مميزة.
اندهش الشاعر مأمون الشناوي لأن الأغنية التي وجدها لم يقم هو بكتابتها، ولم يستمع إليها من قبل، فكيف وصلت إلى ملابسه.
فما
كان منه إلا سؤال الخادمة عن كيفية وصول الورقة إلى ملابسه، وهنا اعترفت
الخادمة أنها تعيش قصة حب مع “المكوجي”، الذي اعتاد إرسال خطابات غرامية
إليها في الملابس، وهذه المرة كان هناك خلاف بين الثنائي، فأرسل إليها هذه
الكلمات من أجل الصلح.

على
الفور طالبها مأمون الشناوي بإحضار “المكوجي” إليه، ثم اتصل بصديقه الملحن
محمود الشريف، ليعرض عليه كلمات الأغنية ليعبر عن إعجابه بها، فطلب منه
الحضور إلى منزله.
وبعدما اجتمع الثلاثي مأمون الشناوي ومحمود الشريف
و”المكوجي”، سأل الشناوي المكوجي عن صاحب الكلمات، فأكد له أنه من قام
بكتابتها ولديه العديد من الكلمات، فأخبره الشناوي أنه سيأخذ هذه الأغنية
من أجل تنفيذها على أن تبث في الإذاعة.
بعدها اتصل الشناوي بالمطرب عبد الغني السيد، ليخبره أن هناك
أغنية مناسبة له، وبالفعل حضر عبد الغني وأعجب بالكلمات وكذلك اللحن الذي
نفذه محمود الشريف، ليقوم بعدها بتسجيل الأغنية في الإذاعة، وحينما أذيعت
حققت نجاحا كبيرا للغاية.
وأصبحت الأغنية واحدة من أهم
أغنيات عبد الغني السيد في تاريخه، ولا يزال الجميع يذكرها ويغنيها حتى
الآن، وهي أغنية “ع الحلوة والمرة” التي كتب كلماتها “المكوجي” سيد مرسي،
وغنتها أيضا نجاةالصغيرة في فيلم “بنت البلد” عام 1954، حيث كانت تجمعها في
ذلك الوقت علاقة خاصة مع المطرب عبد الغني السيد ، فسمح لها بأداء الاغنية
.
قدم الفنان عبد الغني السيد خلال مسيرته نحو 800 أغنية، ما بين أغاني مسرح وإذاعة وسينما وأغانٍ وطنية ورومانسية وقصائد ودينية.
تنوعت
أغانيه ما بين عاطفية واجتماعية ودينية ،ووطنية، وغنى لعمالقة التلحين،
ومنهم : “السنباطي”،”الشريف”،”عبد الوهاب”،”الموجي”،”القصبجي”،”بليغ”
،”كمال الطويل”.
أهم أغاني الفنان عبد الغني السيد
من
أهم أغاني الفنان عبد الغني السيد : “البيض الأمارة”،” أنا وحدي يا ليل
سهران”،”بحبك مهما أشوف منك”،”الحلو شاورلي بمنديله”،”ليه يا جميل ياللي
بعادك طال”،”جبال الكحل”،”آه من العيون”،”سبحان اللي صور”،”يا بايع
الصبر”،”أنا وأنت في الهوى”، ومن أغانيه الدينية :”يا حاج بيت الله”،”يا
رمضان”، وكانت آخر أغنياته “أنا ما تنسيش” والتي أعادتها المطربة لطيفة
التونسية فيما بعد.
كما قدم الفنان عبد الغني السيد
العديد من الأغاني الوطنية في مرحلة الخمسينيات ،منها:”خمس فدادين”، “الأرض
دي أرضنا”،”العربي أخو العربي”،”نداء الوطن”،”كلنا عمال”،”يا مسافر
المنصورة”،” تحيا بلادي”،”ثورة الأحلام”.
أهم أعمال الفنان عبد الغني السيد السينمائية
قدم
عبد الغني السيد للسينما أيضًا نحو 16 فيلمًا، أربعة منها قام فيها بدور
البطولة، والأخرى ظهر كفنان فقط أو دور ثانوي، وأول أعماله كان فيلم “وراء
الستار” عام 1937، ثم قدم أعمال أخرى منها: “المرأة كل شيء”،”ضحيت
غرامي”،”البيت الكبير”، “طاقية الإخفاء”،” أسرار الناس”،” نور من
السماء”،”بنت العمدة”،”سفير جهنم”،”عريس من أسطنبول”،”شارع محمد علي”

حياة الفنان عبد الغني السيد الشخصية
“الفنان عبد الغني السيد” تزوج ثلاث مرات، الأولى كانت من قريبة له وكان زواجًا تقليديًا وأنجب منها “زينب، وبثينة”،
طلق زوجته بأمر الملك فاروق
الزوجة
الثانية كانت ابنة وزير في فترة الأربعينيات والتي أُعجبت بصوته وهندامه،
وحين تم التعارف بينهما وطلبت منه أن يقدم لها أسطوانة من أُغنياته هدية
لها، فأهداها أُغنيته الشهيرة “نسيتي حبي”، فأحبته أكثر من خلالها، وتزوجا
لعدة أيام فقط قبل صدور قرار من الملك فاروق بتطليقهما كونه لم يُرِد أن
تصبح عادة متبعة ويتزوج البسطاء من طبقات الأعيان،

وتزوج
للمرة الثالثة من “شجون توفيق راسخ”، التي عاشت قصة كفاح في تربية أبنائها
منه “ليلى، إيمان، محمد”، بعد وفاة “عبد الغني”، ونالوا درجات عليا في
التعليم، واستحقت على إثر ذلك لقب “الأُم المثالية” على مستوى الجمهورية
عام 1982.
كاريوكا سبب رحيله
في
شتاء عام 1962 كان “عبد الغني السيد” في زيارة لمنزل تحية كاريوكا وزوجها
الفنان فايز حلاوة، للإصلاح بينهما، نتيجة الخلافات بين الزوجين، تلك
اللحظة ، حيث كانت تربطه صداقة قوية معها ،

ردت
عليه الفنانة “كاريوكا” بأسلوب قاسِ تأثر منه “السيد” وأحس بالمرارة بعد
أن كان يشعر بأنه صديق العائلة، وعلى إثر ذلك تعرض لنوبة قلبية، وتم نقله
إلى المستشفى،
وزاره “عبد الحليم حافظ” في ساعاته الأخيرة، وقال له
“عبد الغني السيد”: “نفسي العب طاولة مع بليغ حمدي وعلي إسماعيل”، ثم طلب
منه أن يغني له “في يوم .. في شهر .. في سنة”، وبصعوبة غناها “العندليب”
محاولًا إخفاء دموعه تلك اللحظة ،
وفاة الفنان عبد الغني السيد
توفي الفنان عبد الغني السيد في 21 أغسطس 1962، وفي الحفلة الغنائية
الأولى لـ”حليم” بعد وفاة “عبد الغني”، طلب منه الجمهور أن يُغني “على قد
الشوق” إلا أنه خاطبهم، قائلًا: “سأغني الآن الأغنية التي كان يحبها عبد
الغني السيد إهداءً مني لروحه.. في يوم .. في شهر .. في سنة”.
https://m.janatna.com